مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}

صفحة 705 - الجزء 2

  الوجه الخامس للنظام وأتباعه وهو أن الظلم دليل على الجهل والحاجة، كما أن الخبر الصدق بهما دليل عليهما، فإذا قدر على الظلم وجب أن يقدر على خبر صادق بأنه جاهل محتاج.

  والجواب: بالفرق فإنه معنى كون الخبر صدقاً أن مخبره على ما هو به، فالقائل بأن الله تعالى قادر على خبر صادق بأنه جاهل محتاج قائل بأنه يقدر على أن يجعل ذاته جاهلة محتاجة، وذلك مستحيل، فكذلك ما في معناه بخلاف الظلم، فليس معناه أنه جاهل محتاج حتى تكون القدرة على أحدهما قدرة على الآخر، وحاصل الجواب أنه يوصف بأنه قادر على الظلم، ولا يوصف بأنه قادر على خبر صادق بأنه جاهل محتاج، والفرق ما قد عرفت.

  فإن قيل: إن سلمنا الفرق فيما ذكر فيلزمكم القول بأن الله قادر على أن يدلنا على جهله وحاجته؛ لأنكم قد جعلتم الظلم دليلاً على الجهل والحاجة، وقلتم إنه تعالى قادر عليه.

  قيل: إن أردتم أن الظلم دليل على الجهل والحاجة عند زوال الحكمة والصوارف، فملتزم فإنه تعالى قادر على ما لو زالت حكمته وصوارفه عنه لدل على جهله وحاجته، وذلك مستحيل، وإن أردتم أن الظلم يدل مع ثبوت الحكمة والصوارف فغير لازم أن يدل؛ لأنه يصير المعنى أنه قادر على ما لو قدرنا وقوعه على الوجه المستحيل، وهو صدوره من العدل الحكيم لكان دليلا غير دليل، وذلك محال؛ لأنه جمع بين النفي والإثبات.