قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}
  وإنما هو نعمة من الله عليه من حيث أنه الذي هداه إليه، ومكنه، وأعانه، وقواه، وإذا كان الأمر كذلك فالله تعالى هو المستحق لأكثر الحمد وهو أولى به، ولا يلزم منه أن يكون تعالى هو الفاعل للإيمان.
  الوجه الثاني: قالوا: أجمعت الأمة على حمد الله تعالى وشكره على نعمة الإيمان، فلو لم يكن الإيمان من فعله لما جاز أن يحمد ويشكر عليه؛ إذ حمد الغير على ما ليس من فعله محال باطل بدليل قوله تعالى: {وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا}[آل عمران: ١٨٨].
  والجواب من جهتين:
  الأولى: ما تقدم في الاستعاذة من أن الحمد ليس إلا على مقدمات الإيمان، ويدل عليه قوله تعالى: {بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ}[الحجرات: ١٧] وقول علي #: نحمده على ما وفق له من الطاعة وذاد عنه من المعصية. رواه في النهج، فجعل الحمد على المقدمات لا على فعل الطاعة وترك المعصية، وهاهنا حكاية في ذلك، وقد تقدمت الإشارة إليها، لكنا نأتي بها هنا على وجهها، فقد تضمنت جواباً مقنعاً، وهي. ما روي عن أبي معن ثمامة بن أشرس | أنه دخل إلى أبي الفضل جعفر بن حرب الهمداني | ورجل من المخالفين يكلم بعض أصحاب جعفر، ويقول: إذا كنت تحمد الله على إيمانك فما أنكرت أن يكون إيمانك فعله؛ لأنك إذا حمدته على غير فعله كنت كاذباً في حمدك إياه، وشكرك عنه.
  فقال المجيب: أنا إنما أحمده على إيماني على ما رزقنيه من ألطافه،