مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}

صفحة 720 - الجزء 2

  ويثيب العاصي، وهذا هو مذهبهم المبني على ذلك الأساس الفاسد، وقد عرفنا أن المدح والذم يستحقان على الفعل لحسنه ولقبحه من دون نظر إلى الوجوب أو عدمه، وأن الوجوب لا يمنع استحقاق المدح، بل يؤكده ويزيده قوة؛ لأن الوجوب كان لتناهي الفعل في الحسن الذي هو علة في المدح فتنبه لهذا فإنه مفيد.

  ثم اعلم أن مقتضى كلامهم هذا أن أفعال الله كلها عبث أو ظلم وجور؛ لأنهم قد نفوا أن تكون واجبة، وأن تكون من باب التفضل الذي معناه الإحسان، فلم يبق إلا أن تكون جوراً أو عبثاً، فنعوذ بالله من حجة تخرج صاحبها عن الحجة.

  واعلم أن مسألة اطلاق الوجوب على الله تعالى لم يختص بالخلاف فيها المجبرة، بل قد خالف فيها بعض العدلية، إلا أن خلاف المجبرة مبني على ما بيناه من نفي الحكم العقلي، وكونه لا يقبح من الله قبيح، وأما العدلية فهم متفقون على أنه تعالى لا يخل بما تقتضيه الحكمة لقبح ذلك الإخلال، ثم إنهم اختلفوا هل يوصف ذلك الفعل الذي نقطع أنه لا يخل به بالوجوب أم لا؟

  قال الإمام (المهدي) #: اتفقت المعتزلة على أن الإخلال بالواجب قبيح كفعل القبيح.

  قال: وهي مبنية على التحسين والتقبيح العقليين.

  قال: ثم اختلفوا هل يوصف الله سبحانه بأنه يجب عليه واجب أم لا؟