قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}
  في كون الوصف قبل وجود المتعلق حقيقة أو مجازاً أن من قال هو حقيقة لم يفتقر إلى السمع، ومن قال: هو مجاز افتقر إلى السمع؛ إذ لا يطلق على الله تعالى من الاسماء إلا ما كان حقيقة، أو ورد به إذن سمعي، والصحيح الأول، ومن هاهنا ارتفع إشكال ما يلزم من إيهام الذم، ويمكن التلفيق بين القولين بأنها إن كانت بالقوة فهي ثابتة في الأزل؛ لأنها بمعنى القدرة مثلاً وهي من صفات الذات، وإن كانت بمعنى الفعل فهي ثابتة بعد أن لم تكن، وقد استوفينا كلامه # لما اشتمل عليه من الفوائد، وقد استفدنا منه أنه يقول بجواز إطلاق صفات الفعل على الله تعالى في الأزل بالقوة، كما حكاه ابن أبي الحديد عن المتكلمين، وقرره الإمام محمد الفوطي # إلا أنه شرط التعريف كما مر، وظاهر كلام الإمام القاسم بن محمد والمتكلمين عدم اشتراطه. والله أعلم.
  قلت: ظاهر ما في (الأساس) وشرحه و (الغاية) وشرحها أنه لا نزاع في جواز اشتقاق اسم الفاعل باعتبار ما سيوجد، وإنما الخلاف هل يكون ذلك حقيقة أم لا؟ وسيأتي الكلام في ذلك، وغرضنا هنا تحقيق جواز إطلاق صفات الفعل على الباري تعالى في الأزل باعتبار القدرة عليها، والتمكن منها إما حقيقة كما حققه الإمام محمد بن القاسم #، وإما مجازا، فقد ورد بها السمع ولم يقيد إطلاقها باعتبار أنه قد فعل أو أنه فاعل الآن، بل قرنها بصفات الذات، قال تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ١ اللَّهُ الصَّمَدُ ٢}[الإخلاص] فقرن الصمد بالأحد وهو تعالى متصف بالوحدانية في الأزل، فكذلك الصمد،