قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}
  والقرينة عقلية(١)، ولو قيل: إنه متصف بالوحدانية أزلاً دون الصمدية لكان في الكلام إلغاز، وتلبيس لا يجوز من الباري تعالى فعله.
  إذا عرفت هذا وتبين لك الفرق بين صفات الذات وصفات الأفعال على الجملة فنقول: قد اختلف في (رب) هل هو صفة ذات أم صفة فعل؟ فقال الإمام المهدي #: قال أصحابنا: الرب صفة ذات أي مالك يقال: رب الدار أي مالكها، وإذا كان بمعنى المالك والمالك بمعنى القادر فهو صفة ذات.
  قال (النجري): وحينئذ فتكون الربوبية ثابتة في الأزل؛ إذ المرجع بها إلى القادرية وليست بصفة فعل.
  وقال الإمام القاسم بن محمد #: هو صفة ذات، لكن لا بمعنى قادر، بل باعتبار كون المربوب له تعالى وهو حقيقة عنده # لما مر، وقال المرتضى، وأبو القاسم البلخي واختاره الشرفي: بل هو صفة فعل، وهو ظاهر كلام الرازي وأبي السعود.
  احتج الأولون بأنه قد ثبت أنه بمعنى مالك، ومالك سيأتي أنه بمعنى قادر، والدليل على أنه بمعنى مالك أنه لا يسمى به على الإطلاق(٢) إلا الله تعالى، فيقال: قال الرب، ولا يقال لمالك العبد هذا الرب اتفاقاً، ولو كان مشتقاً من التربية لجاز إطلاقه في غيره تعالى؛ لأن التربية تعم صحة الوصف بها كل من ربى غيره، وأيضاً لو كان مشتقاً منها لكان وصف الوالد بأنه رب الولد أولى من وصفه بأنه رب
(١) أي قرينة كون اتصافه بالصمد في الأزل بالقوة. تمت مؤلف.
(٢) أي من دون إضافة. تمت مؤلف.