قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}
  إلا الأجناس التي يطلق عليها(١) دون أفرادها.
  قيل: لما كان العالم يطلق على الجنس بأسره نزل منزلة الجمع حتى من لفظه كما من، وقد قيل: إنه جمع لا واحد له مر أن الجمع يستغرق آحاد مفرده وإن لم يصدق عليها كما في: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ١٣٤}[آل عمران] أي: كل محسن فكذلك العالم يشمل أفراد الجنس وإن لم ينطلق عليها كأنها آحاد مفرده المقدر، وعلى هذا فالعالمون بمنزلة جمع الجمع، فكما أن الأقاويل تتناول آحاد الأقوال، كذلك لفظ (العالمين) يتناول كل واحد من آحاد الأجناس التي لا تحصى، على أن عدم إطلاق اسم العالم على أحاد الجنس إنما هو بحسب الغلبة والاصطلاح، وأما باعتبار الأصل فقال أبو السعود: لا ريب في صحة الإطلاق قطعاً لتحقق المصداق حتماً، فإنه كما يستدل على الله سبحانه بمجموع ما سواه، وبكل جنس من أجناسه يستدل عليه تعالى بكل جزء من أجزاء ذلك المجموع، وبكل فرد من أفراد تلك الأجناس لتحقق الحاجة إلى المؤثر الواجب لذاته في الكل.
  وبهذا تم الكلام على ما اختلف فيه أهل الإسلام، مما يتعلق بتحقيق العالم بحسب ما يقتضيه الحال والمقام، وقد تركنا بعض ما ينسب إلى أفراد منهم، إما لعدم الدليل عليه، أو لأنه راجع في التحقيق إلى ما قد حكيناه.
  وأما الملاحدة ومن قال بمثل قولهم من الفلاسفة والباطنية
(١) كالجن والإنس ونحو ذلك تمت مؤلف.