مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}

صفحة 749 - الجزء 2

  وأشباههم فقال السيد حميدان |: إنهم يزعمون أن العوالم كثيرة منها عالم العقول التي يزعمون أنها قبل الزمان والمكان، ومنهم من يعبر عن تلك العقول بأنهم الملائكة الروحانيون المقربون، ومنها عالم الأفلاك والأملاك، ومنهم من يعبر عنها بأنها الملائكة الكروبيون، ومنها عالم الطبائع الأربع التي يسمونها العناصر، والأمهات، والاستقصاءات، والأركان، ومنها عالم الكون والفساد وهو الأرض وما فيها مما يحدث ويفني، ويزيد وينقص ويحيى ويموت.

  قلت: أما ما تضمن من أقوالهم هذه إثبات قديم مع الله تعالى فلا شك في بطلانه، وأما إطلاق [الفظ] (العالم) على الملائكة والعناصر والأرض وما فيها ونحو ذلك مما علم به الصانع فلم يختص به هؤلاء، بل قد مر أنه قول بعض أئمة الدين.

  تنبيه: قد استفيد مما تقدم أن الظاهر في العالمين المذكور في الآية أن المراد به ما سوى الله تعالى من الموجودات، فتأمل ما حكيناه عن أهل اللغة وغيرهم.

  فإن قيل: أليس إضافة الرب إليه تمنع من تناوله لغير ذي الروح، إن قلنا: إنه مشتق من التربية. قيل: لا؛ لما مر أن الرب قد يستعمل لغة بمعنى المصلح، ولا شك أنه لا شيء مما أحدق به نظام الإمكان العلويات والسفليات، والحيوان والجمادات، إلا وهو بحيث لو فرض انقطاع التربية عنه إناء واحداً لما استقر به القرار، والوجود من ولا نتظم في سلك الهلاك والبوار.