المسألة السابعة عشر المتعلقة بقول الله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}: أنواع العالم
  قلت: في هذا الإيراد نظر فإنهم لا ينفون ثبوت الجهات له، وإنما اختلفوا في كونها راجعة إليه أو إلى غيره.
  فقال أبو علي وأبو القاسم البلخي والقاضي: هي راجعة إلى غيره، على معنى أنه لا يحكم بأن له جهة حتى ينضم إليه غيره لتكون جهة يساره أو يمينه مثلاً طرف ذلك المنضم إليه وهو غيره، فلم يعقل له جهة إلا بذلك الغير، فصح أن ثبوتها له كان بذلك المنضم، وإنما قالوا بهذا فراراً من صحة تجزئه، وذلك أنهم قالوا: إنه لو فرض ثبوت الجهات له في نفسه استلزم تجزؤه؛ لأن اليمين غير الشمال، وكذلك سائرها.
  وقال أبو هاشم: هي راجعة إليه في نفسه ولم يقل: ليس له إلا جهة واحدة، بل أثبت له ست جهات كما في رياض الأفهام، وكذلك أبو علي ومن معه فإنهم يثبتون له ست جهات، لكنهم يقولون: هي راجعة إلى غيره، وإنما تتصور لنا بالانضمام إلى غيره فانظر (دامغ الأوهام)(١) ولم أقف على القول بأنه ليس له إلا جهة واحدة لأحد من العلماء، فتنبه.
  وقد تنبه لما في هذا الوجه من الوهم في تفسير مقاصد القائلين بالجوهر السيد العلامة المحقق أحمد بن محمد لقمان |، فإنه قال بعد أن حكى الوجه الذي ذكرناه في الرد لكلام المعتزلة ما حاصله: أنهم إنما يريدون بقولهم: إن له جهة واحدة أن تلك الجهة
(١) شرح رياض الأفهام. تمت مؤلف.