المسألة السابعة عشر المتعلقة بقول الله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}: أنواع العالم
  في إثبات الأعراض جملة لا في تفاصيلها، أعني من كونها ذواتاً توجب، أو كونها في نفسها صفات للأجسام، وقد ذكر الإمام عز الدين # أن الأعراض كلها تسمى معاني(١)، قال: والمعنى في اللغة: المراد من عنيت كذا أي أردته، وفي الاصطلاح: الذات استعمل أولاً في كل ذات ثم قصروه على الأعراض، قال: وقد يقصر في اصطلاح خاص على المعاني الموجبة، فدل على أن أصل استعمال المعنى في الاصطلاح في العرض سواء أوجب أم لا.
  إذا عرفت هذا فليحمل ما أوردناه في هذا الموضع من ذكر المعاني على مطلق العرض لا على الاصطلاح الخاص، وسيأتي الكلام على ما يوجب وما لا يوجب إن شاء الله تعالى.
  وبعد الإتيان بالمتفق عليه بين الأصحاب فلنأت بالمختلف فيه فنقول: أثبت البصرية التأليف معنى، وخالفهم أبو القاسم فقال: هو حركة أو سكون، وكأنه أراد أن المرجع به إلى الاجتماع لا إلى معنى سواه، وأثبت البهشمية الاعتماد، ونفاه أبو القاسم. وأثبت أبو علي الموت، والعجز، والغم، والسرور، والعزم، والحاجة، وقال: هي أجناس مستقلة، وكذلك الشبع، والري، ووافقه فيهما أبو هاشم وأبو القاسم، وخالفهم القاضي والمتأخرون(٢). وأثبت أبو علي الظن والندم، وقال: هما جنسان غير الاعتقاد، وقال أبو هاشم: بل هما من الاعتقاد. وأثبت أبو علي الشك. وأثبت هو وأبو هاشم السهو ونفيا اللطافة فقالا: ليست بمعنى، وتردد القاضي. واتفق الأكثر
(١) أي الموجبة وغيرها. تمت مؤلف.
(٢) فقالوا: ليس الشبع والري بمعنيين وقالوا: هما زوال شهوة. تمت مؤلف.