مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}

صفحة 793 - الجزء 2

  لا تعلم صحته ولا فساده إلا بدليل مع خصم منازع. والأصول الأربعة:

  أحدها: أن في الجسم عرضاً غيره، والثاني: أن تلك الأعراض محدثة، والثالث: أن الجسم لم يخل من الأعراض ولم يتقدمها، والرابع: أن ملازمته إياها يستلزم حدوثه، فالأولان قد تقدم الكلام عليهما.

  وأما الأصل الثالث: وهو أن الجسم لم يخل من الأعراض ولم يتقدمها فلا خلاف فيه بين الموحدين، ووافقهم كثير من الفلاسفة، وخالفهم أفلاطون وأتباعه فقالوا: لو كان الجسم خالياً من الأعراض فالجسم قديم والعرض محدث؛ لأن الجسم عندهم أصله جوهران بسيطان غير متحيزين لا عرض فيهما، أحدهما: يسمى هيولا، ويعنون به أصل الشيء المتنزل منه منزلة الطين من اللبن، ويقال له: مادة الجسم، والآخر يسمى صورة، ويعنون به ما يحصل من التركيب المتنزل منزلة التربيع⁣(⁣١).

  قالوا: فلما حل أحدهما وهو الصورة في الآخر وهو الهيولا تحيزا⁣(⁣٢) أو تكاتفا وتركب منهما جميع الأجسام، فحلتهما الأعراض بعد ذلك.

  والدليل لما يقوله الموحدون من وجوه:

  أحدها: أن الجسم لو جاز خلوه من الأعراض فيما مضى لصح الآن؛ لأنه لم يتغير عليه الأمرور الزمان، وهو مما لا تأثير له فيما يصح على الجسم أو يجب أو يستحيل، ألا ترى أنه لما صح عليه الاجتماع


(١) أي للبن. تمت مؤلف.

(٢) أي: صارا في الحيز. تمت مؤلف.