مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}

صفحة 795 - الجزء 2

  الوجه الثاني: أن كل جسمين إما أن يكون بينهما بعد ومسافة أو لا، إن كان الأول كانا مفترقين، وإن كان الثاني كانا مجتمعين، ولا يخلو جسم عن كونه مفارقاً لغيره أو مجتمعاً بغيره، والاجتماع والافتراق عرضان فصح أنه لا يخلو الجسم عن العرض.

  الوجه الثالث: أنه لو خلا عن الاجتماع والافتراق ثم حدثا فيه لكان السابق أحدهما لا محالة، فإن قالوا: السابق الاجتماع، قلنا: كيف يجتمع ما لم يكن مفترقاً من قبل؟ وإن قالوا: السابق الافتراق، قلنا: كيف يفترق ما لم يكن مجتمعاً؟ فصح أنه لا يخلو من أحدهماه وأما ما زعمه المخالف من الهيولى والصورة فبطلانه واضح، ولا بأس بزيادة الإيضاح الذي يظهر به بطلان قولهم كظهور الإصباح، فنقول:

  اعلم أن القوم قد ضربوا للهيولى والصورة مثلاً وهو الحديد وما يعمل منه من الآلات كالسيف والقيد وغيرهما مما هو مختلف الصورة والاسم فقالوا: الهيولى هو الحديد لأنه أصل هذه الأشياء، والصورة هي هيئة ما يعمل منه كالسيف مثلاً وكانت كامنة في الهيولى قبل ظهورها.

  قالوا: وكذلك صورة الحديد كانت كامنة في المعدن وكذلك المعدن حتى انتهوا إلى علة العلل التي زعموا أن صور جميع الأشياء كامنة فيها وموجودة فيها بالقوة، قالوا: وكذلك القول في جميع صور الحيوانات والنباتات قالوا: وكل من الهيولى والصورة محتاج إلى الآخر بالفعل، فحاجة الصورة إلى الهيولى حاجة المشروط إلى شرطه، والحال إلى محله، ومعنى حاجتها إليه بالفعل أنها تحتاج عند وجودها بالفعل إلى أن تحله فتحيز بعد ذلك، وحاجة الهيولى إلى الصورة حاجة