مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الثامنة عشرة [حدوث العالم]

صفحة 799 - الجزء 2

  لوناً، وإذا أوجد فيه سواداً مثلاً لم يخل ذلك الجسم عن جنس من أجناس اللون، وإن جاز خلوه من السواد وذلك لأن اللون الذي وجد فيه باق والباقي لا ينتفي إلا بضد أو ما يجري مجراه، وضد السواد إما بياض أو حمرة أو نحوهما، وذلك من جنس اللون. وقسم لا يجوز خلو الجسم عنه بحال وهو الأكوان.

  قال القرشي: ثم إذا حققنا فالذي لا يخلو عنه الجسم هو الكون المطلق الحاصل حال حدوثه، وما عداه فقد تقدم الجسم عليه، وإن أمكن الاستدلال به على حدوث الجسم؛ لأن الجسم لم يسبقه إلا بوقت واحد.

  قال الإمام عز الدين #: الضمير في به عائد إلى ما عدا الكون المطلق، وذلك الكون الواقع في الوقت الثاني وهو إما حركة بأن ينتقل الجوهر في الوقت الثاني من وجوده، أو سكون بأن يبقى في تلك الجهة، وهو نفس الكون المطلق إلا أنه في الوقت الثاني يسمى سكوناً.

  وقال # في شرح قوله بأنه لم يسبقه إلا بوقت واحد: يعني فلو كان الجسم قديما لوجب أن يتقدم على هذا الكون المحدث الحاصل في ثاني حال وجوده بما لو كان هناك أوقات لكانت بلا نهاية، ولأنه إذا لم يسبقه إلا بوقت فقد صار يمكن الإشارة إلى وقت وجد فيه وحدث، وذلك يبطل قدمه.

  قلت: وما ذكرناه من انقسام هذه الأعراض إلى هذه الثلاثة الأقسام هو الذي حكاه ابن حابس عن الزيدية والمعتزلة جميعاً وأكثر الفرق، فإن قيل: كيف تصح الحكاية عن المعتزلة جميعاً، وهذا أبو علي