قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}
  في التفصيل بالمقدمات، فإن كان علمنا بحدوث الأعراض، وأن الجسم لا يخلو منها ضروريا، فالعلم بحدوث الجسم ضروري، وإن كان العلم بالأولين اكتسابيا، فالثالث اكتسابي.
  قلت: وهذا هو الحق، والاختلاف السابق في التحقيق راجع إليه فإن القائلين بالضرورة مطلقاً أو في بعض الصور إنما بنوا كلامهم على أن العلم بالمقدمات ضروري وهو العلم بالأعراض وحدوثها وعدم خلو الجسم منها، وعدم تقدمه عليها، والقائلين بأنها استدلالية لم تثبت عندهم هذه الأمور أو بعضها إلا دلالة، وأما أهل التفصيل فنظروا إلى أن العلم ببعض الصور كحدوث ما لم يخل من المحدث على الجملة ضروري، فلذا قالوا في الصورة الكلية: إنها ضرورية وبعضها استدلالي لتوقفه على غيره، كما في صورة ملازمة الجسم للعرض فإن العلم بحدوث الأجسام لأجل الملازمة متوقف على ثبوت الأعراض وحدوثها وملازمتها، وعدم تقدم الجسم عليها، وذلك لا يعلم إلا دلالة، ولذا قال الإمام عز الدين #: وها هنا صورة لهذه الدعوى وهو أن يقال: الأجسام لم تخل من هذه الأكوان ولم تتقدمها، فيجب أن تكون محدثة.
  قيل: فهذه تكون استدلالية اتفاقاً لتوقفها على ثبوت الأكوان وحدوثها وأن الجسم لم يخل منها، وكلها استدلالية، وما توقف على الاستدلالي فهو مثله.
  الجهة الثالثة: في ذكر الخلاف في هذا الأصل، فالذي عليه أكثر