مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الثامنة عشرة [حدوث العالم]

صفحة 823 - الجزء 2

  في وجوده فلا يوجد غير حال، وكعدم الحلول في الفناء فإنه لا يوجد إلا غير حال لما كان وجوده لا في محل كيفية في وجوده، وسميت الكيفية كيفية؛ لأنها يوصف بها المعين الذي يسأل عنه بكيف.

  الوجه الثالث: أنه لو قدر أحدنا على جعل الجسم مجتمعاً من دون معنى لقدر على أن يجعله على سائر صفاته التي يكون عليها بالفاعلين نحو كونه أسود وأبيض وحلوا ومرا، كالكلام فإنه لما قدر على جعله خبراً قدر على سائر صفاته من كونه أمراً أو نهياً أو استفهاماً، وكذلك سائر وجوه الأفعال، فإنا لما قدرنا على جعلها طاعة قدرنا على سائر وجوهها، ولا علة للقدرة على سائر الوجوه إلا القدرة على وجه منها لدوران الحكم بدوران هذه العلة ثبوتاً وانتفاء، ألا ترى أنا لما لم نقدر على وجه من وجوه أفعال الغير لم نقدر على جميعها.

  فإن قيل: فليزمكم أن من قدر على ذات أن يقدر على سائر الذوات كالصفات.

  قيل: الفرق ظاهر فإنا نعلم بالاستقراء أن القدرة على صفة من صفات الذات تلازمها القدرة على سائر صفاتها، وعلمنا بطريقة الدوران أن العلة هي القدرة على واحدة من الصفات، بخلاف القدرة على ذات، فلم نجدها علة في القدرة على سائر الذوات، ولا وجدنا القدرة على ذات تلازمها القدرة على سائر الذوات، بل علمنا ضرورة الفرق بين ما يتعلق بنا من الذوات⁣(⁣١) وما لا يتعلق بنا⁣(⁣٢).


(١) كالأعراض التي تدخل تحت مقدورنا. تمت مؤلف.

(٢) كالأجسام وبعض الأعراض. تمت مؤلف.