قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}
  الوجه الرابع: أن الكائنية يصح فيها التزايد بخلاف التي بالفاعل فلو كانت بالفاعل لم يصح تزايدها، أما أن الكائنية يصح فيها التزايد فلأن القوي إذا سكن(١) الساكن تعذر على الضعيف نقله، وإذا لم يسكنه لم يتعذر فلولا تزايد الصفة لم يفترق الحال، واعترضه ابن الملاحمي بأن التزايد إنما هو في كثرة مدافعة القوي لا في الكائنية؛ لأن المرجع بها إلى شغل الجهة ولا يعقل فيه التزايد، وأجيب ببطلان رجوع التزايد إلى ما ذكره؛ لأن كثرة المدافعة تحتاج إلى كثرة الجهات؛ إذ لا يعقل كثرة المدافعة في جهة واحدة، والكلام مفروض في تسكين الساكن(٢)، وأما أن الصفة التي بالفاعل لا يصح فيها التزايد فدليله صفة الوجود التابعة له، فإن تعذر التزايد فيها معلوم عند الجمهور فإنهم قالوا: الموجود لا يستحق من الوجود أكثر من وصفه.
  قال القرشي: ولا وجه له إلا كونها بالفاعل. هذا وقد ذكروا وجوهاً غير ما ذكر في نفي كون الكائنية بالفاعل، وهي لا تخلو عن مناقشة وضعف، وقد اعترضها بعض من ينفي كون الكائنية بالفاعل، وقد قيل: إن أقوى ما يستدل به على أبي الحسين وأصحابه أن يقال إذا كنت تجعل الكون صفة فهو قبل حصوله لا شيء، فإن الصفة قبل حصولها لا شيء بلا كلام فتعلق قدرة الفاعل بها يكون إذا تعلق شيء بلا شيء، ومن المحال تعلق شيء بلا شيء.
(١) بأن يمسكه ساكناً. تمت مؤلف.
(٢) يعني لا في المدافعة التي تحتاج إلى جهات. تمت مؤلف.