المسألة الثامنة عشرة [حدوث العالم]
  إليه إلا في حال إمكانه، ومتى أمكن فإنما يفعل فعلاً دون فعل وقدراً دون آخر وفي وقت دون وقت، وهذا سبيل داعي الحكمة كما مر(١) في تصدق الواحد منا.
  قال الإمام عز الدين #: وهو جواب جيد ولم يذكره أصحابنا وفيه ما لا يجري في كلامهم من اشتراط الإمكان في الداعي بل قد صرح ابن متويه بأن أحدنا قد يدعوه الداعي إلى أمر مستحيل، وهو الذي تقتضيه حقيقة الداعي.
  الوجه الثالث: ذكره أبو الحسين، وهو أن له داعياً إلى إحسان ما، فأي وقت خلق الأحياء فيه فقد فعل ما دعى إليه الداعي، وظاهره أنه يقول بوجوب الفعل للداعي إلا أنه لا يوجب مقارنته بناء على أصله وهو أنه يجب الفعل عند حصول الداعي وانتفاء الصارف وقد ذكرنا تأويل كلامه فيما مر(٢)، وأما أنه لا يوجب المقارنة فلما علم ضرورة من وجوب تقدم الفاعل على فعله وإلا بطل كونه فاعلاً.
  الرابع: لابن الملاحمي وهو أنَّ له تعالى صارفاً فيما لم يزل عن خلق العالم وهو علمه باستحالة وجوده في الأزل.
(١) هذا كالقياس لأفعاله تعالى التي يدعو إليها داعي الحكمة على أفعالنا في صحة التقديم والتأخير وفيه نظر وأجود منه أن يقال فإذا حصلت الحالة التي يمكن خلق العالم فيها ولم يخلقه تعالى فيها او لم يخلقه دفعة واحدة علمنا أنه تعالى علم أن الصلاح في ذلك ولو علم أن الصلاح في إيجاده دفعة واحدة لفعله وهذا مغن عن القياس فإن أحدنا وإن تصدق على فقير وفي وقت دون وقت فإنه ليس من أجل كونه علم أن الصلاح في ذلك بخلافه تعالى فإن تقديمه وتأخيره لعلمه بالصلاح. اهـ معراج تمت مؤلف.
(٢) وهو أن مراده وجوب استمراري عادي، تمت مؤلف.