مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الثامنة عشرة [حدوث العالم]

صفحة 843 - الجزء 2

الشبهة الثالثة

  أنه لو استحال وجوده في الأزل كانت الاستحالة ذاتية وفي صحته فيما لا يزال خروج عن الذاتية وهو محال، فوجب أن لا يستحيل وجوده في الأزل فيصح لذاته وجوده فيه، وإذا صح وجب وقوعه وإلا صار بعد تراخيه مستحيل الوجود في الأزل، فيخرج عن الصفة⁣(⁣١) الذاتية، هكذا أورد هذه الشبهة الإمام المهدي #، وأوردها السيد مانكديم على وجه آخر، وهو أنه لو كان العالم محدثا لاستحال وجوده فيما لم يزل فلا بد من وجه للاستحالة وهو إما راجع إلى المقدور وهو باطل وإلا استحال وجوده فيما لا يزال أو إلى القادر وهو باطل أيضا لهذا الوجه فوجب⁣(⁣٢) وجوده فيما لم يزل.

  قلت: وإنما قال: وإلا استحال وجوده فيما لا يزال لأن الوجه إذا كان أحد الأمرين كانت الاستحالة راجعة إلى أمر يرجع إلى ذات القادر أو المقدور وهما ثابتان في كل حال، أما القادر تعالى فظاهر وأما المقدور فالقول بثبوته في كل حال مبني على ثبوت ذوات العالم في العدم، وإذا كان الوجه راجعا إلى أمر ذاتي وجب استمرار الاستحالة فيستحيل وجوده فيما لا يزال للوجه الذي استحال لأجله وجوده في الأزل لأن ما يرجع إلى الذات لا يتخلف بل يستمر، والمعلوم أنه قد وجد ولا وجه يقتضي استحالة وجوده في الأزل فوجب وجوده فيه لما ذكره الإمام المهدي # لهم هذا الذي ظهر لي في توجيه كلام السيد وتوضيحه وفوق كل ذي علم عليم.


(١) وهي الصحة. تمت مؤلف.

(٢) لأنه إذا بطل الحدوث وجب القدم إذ لا واسطة. تمت مؤلف.