مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}

صفحة 855 - الجزء 2

  مع الوجوب لكان جنساً واحداً غير مختلف في صفاته والمعلوم خلافه، فإن بعضه حيوان وبعضه جماد وبعضه سماء وبعضه أرض وبعضه إنسان وبعضه فرس، ونحو ذلك فعلم أنه لا بد من أمر لأجله حدث في وقت دون وقت، وعلى صفة دون صفة وهو المطلوب.

  قال النجري: وهذا الدليل قوي لا يرد عليه شيء مما ورد على ما قبله.

  قلت: وآخر هذا الدليل، وهو قوله وبأنه لو حدث مع الوجوب لكان جنساً ... إلخ مأخوذ من كلام أبي الحسين، وقد جعله دليلاً مستقلاً، وقد نبه عليه أمير المؤمنين # كما مر في أدلة حدوث الأجسام. فإن قيل: قد ثبت حدوث العالم لكن ما الدليل على أن محدثه هو الله تعالى؟ قيل: لنا على ذلك أدلة كثيرة شهيرة منيرة، ونكتفي منها في هذا الموضع بدليلين:

  أحدهما: ما دلت عليه الآية الكريمة، وهو أنها قد دلت على استحقاق رب العالمين للحمد، وقد مر⁣(⁣١) أن الحمد فيها على الفعل الاختياري، فلو كان علة موجبة أو طبعا أو نحو ذلك مما لا اختيار له لم يستحق حمدًا، إذ ما فعل بغير اختيار لا يعد نعمة، وما لا يكون نعمة فلا يستحق المؤثر فيه الشكر عليه، ألا ترى أن المنتفع بسخونة النار أو برد الماء لا يحمد النار ولا الماء؛ لما كان تأثيرهما بغير اختيار بل بالطبع.

  الدليل الثاني: أن هذه الأجسام لا تخلو: إما أن تحدث نفسها حال


(١) في المسألة الرابعة. تمت مؤلف.