مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2}

صفحة 854 - الجزء 2

  فإن قيل: هذا الدليل كله مبني على القياس على أفعالنا وهي أعراض وأفعال الله تعالى أجسام وأعراض، فكيف يصح قياس الجسم على العرض مع أنه المقصود الأصلي في الاستدلال به على الباري تعالى؛ لأن من الأعراض ما لا يختص بالقدرة عليها الباري تعالى.

  قيل: إذا ثبت اشتراكهما في علة الحكم لم يمتنع اشتراكهما في الحكم، وقد ثبت مشاركة الأجسام لتصرفاتنا في علة الاحتياج إلى محدث وهو الحدوث، فلم يمتنع القياس.

  الدليل الثاني: ذكره الإمام المهدي # تلخيصاً للدليل الأول على غير طريقة القياس، وهو أن يقال: إذا ثبت حدوث العالم والحدوث وجود مع الجواز لزم احتياجه إلى محدث كحدوث أفعالنا؛ إذ الحدوث متماثل في الذوات ولا يحتاج إلى ذكر علة للاحتياج؛ لأن ذلك ليس بقياس، بل من باب إلحاق التفصيل بالجملة استدلالاً، بيانه أن كل وجود على سبيل الجواز معلوم افتقاره إلى مؤثر وحدوث العالم وجود مع الجواز فافتقر إلى مؤثر، والشاهد وجود أفعالنا.

  الدليل الثالث: ذكره بعض المعتزلة وبعض الأشاعرة، وهو أن العالم حدث مع الجواز، فلا بد من مؤثر وإلا لم يكن بأن يحدث أولى من أن لا يحدث كما تقدم في إثبات الأكوان، واستدلوا على أنه حدث مع الجواز بأنه لو كان حدوثه مع الوجوب لم يكن بأن يحدث في وقت أولى من وقت فيلزم قدمه والمفروض حدوثه، وبأنه لو حدث