مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الثالثة [في شبهة دلالة اللفظين أن البسملة غير آية من سورة الفاتحة]

صفحة 873 - الجزء 2

  المحقق هو الذي يبني على الحقائق لا على الظواهر، فإن ترك الخير الكثير لأجل الشر القليل شر كثير، فإذا رأيت ما تكرهه فاعلم أن تحته أسرارا خفية وحكما بالغة، وأن حكمته ورحمته اقتضت ذلك.

المسألة الثالثة [في شبهة دلالة اللفظين أن البسملة غير آية من سورة الفاتحة]

  استدل ابن جرير بتكرير هذين الاسمين على أن البسملة ليست بآية من الفاتحة؛ لأنه لا يوجد في القرآن تكرير آية بلا فصل، وأجاب عما قيل بأن الفاصل قوله: الحمد لله رب العالمين بأنه من التقديم والتأخير، وأن الأصل: الحمد لله الرحمن الرحيم رب العالمين ملك يوم الدين، إذ الأولى مجاورة وصفه بأنه ملك أو مالك ليوم الدين ما هو نظير له وهو قوله: رب العالمين الذي هو خبر عن ملكه الجميع الخلق، والمناسب للثناء عليه بالحمد ما يدل على الثناء وهو الرحمن الرحيم؛ قالوا: والتقديم والتأخير كثير في كلام العرب، والجواب: إن هذا عدول عن الظاهر لغير موجب، وما ذكره من المناسبة معارض بنكتة مبنية على ما يقتضيه الظاهر تزيد السورة قوة في جزالة اللفظ والمعنى، وهي أنه لما كان في وصفه برب العالمين ترهيب أتبعه بالترغيب في عموم رحمته ليجمع بين الترغيب والترهيب فيكون أدعى إلى الطاعة، وأمنع المواقعة المعصية، ولها نظائر في القرآن كثير، فإنه يقرن الوعد بالوعيد، والترغيب بالترهيب كما قال تعالى: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ٤٩ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ ٥٠}⁣[الحجر] ثم إنه لو سلم