مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الأولى [الدلالة على ملك الله تعالى]

صفحة 878 - الجزء 2

  وقال الإمام (القاسم بن محمد) #: هو صفة ذات، لكن لا بمعنى قادر، بل باعتبار كون المملوك له تعالى. وقال المرتضى وأبو القاسم البلخي ومن وافقهما: بل صفة فعل احتج الأولون بوجوه:

  أحدها: أن المالك في اللغة هو من يملك التصرف التام من غير عجز ولا منع، وهذا هو معنى القادر، واستدلوا على أن معناه في اللغة ما ذكر بقوله تعالى: {لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا}⁣[الأعراف: ١٨٨] ونحوها ... والمراد بالملك هنا: القدرة بلا إشكال.

  الثاني: أنه قد وصف نفسه بأنه مالك يوم الدين، ويوم الدين معدوم لا يمكن التصرف فيه، فلم يبق إلا أن المراد أنه قادر على إيجاده، فإن قيل: المريض المدنف يسمى مالكا وإن لم يكن قادرا، وهذا يدل على أن معناه المستحق للتصرف. قيل: أما أصل وضعه فهو كما ذكرنا، وحيث استعمل بمعنى استحقاق التصرف فهو على جهة الاستعارة، فوصف المريض بأنه مالك لأجل كون غيره ممنوعا من التصرف في ماله، فكأنه⁣(⁣١) غير قادر عليه، وذلك يستلزم أن ينزل المريض منزلة القادر؛ لأنه غير ممنوع، كما أن الصبي لما كان غير ممنوع من الانتفاع بماله كان كأنه قادر عليه دون غيره.

  احتج الإمام القاسم #: أما على أنه صفة ذات فبالآية كما قال الأولون، وأما على أنه ليس بمعنى قادر فلأنه لا يدل على معنى قادر بالمطابقة؛ لأن معناهما مختلف، إذ معنى مالك: من يملك الأشياء ولا يمنع منها، ومعنى قادر: من يصح منه إيجاد الفعل.


(١) أي الغير. تمت مؤلف.