مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير الآية الرابعة من سورة الفاتحة {مالك يوم الدين 4}

صفحة 879 - الجزء 2

  وأما قولهم: إنه من يملك التصرف التام من غير عجز فلا نسلم أن ذلك معنى قادر المطابق، وإنما معناه ما ذكرنا، فإذا كان لا يدل عليه بالمطابقة فغاية الأمر أنه يدل عليه بالالتزام، فيقال: إن من لازم المالك أن يكون قادراً غير عاجز، وذلك يدل على مطلوبهم، كما أن وصفه بعالم يدل على معنى قادر التزاما، ولم يقل أحد: إنه بمعنى قادر لأجل هذه الدلالة، فبطل أن يكون مالك بمعنى قادر، وتعين أنه صفة ذاتية الله تعالى باعتبار كون المملوك له لا لغيره، فمعنى: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ٤}⁣[الفاتحة]: أن ذلك اليوم له لا لغيره، ولذا تمدح به.

  احتج القائلون بأنه صفة فعل: بأن الملك لا يكون إلا في الأشياء الموجودة، فلا يوصف الله بأنه مالك في الأزل؛ إذ لا موجود معه في الأزل فيملكه، وأما الآية فمحمولة على المجاز، ومعناها: سيملك، نزل ما سيقع منزلة الواقع لتحقق وقوعه، ونظائره كثيرة في القرآن.

  وأجيب بأن هذه الحجة مبنية على أن معنى الملك: استحقاق التصرف، وقد ثبت أنه بمعنى: القدرة التامة، أو كونه له، وأن استعماله في استحقاق التصرف مجاز، ومع ثبوت هذا تبطل هذه الحجة.

  وأما حمل الآية على المجاز فعدول عن الأصل بلا موجب إلا ما قد بينا بطلانه.

  قالوا: لو كان بمعنى: قادر لم يوصف القديم تعالى بأنه مالك للموجود، لعدم تعلق القدرة به وذلك باطل، وأجيب بأنه لما كان