مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الثالثة [دلالة هذه الآية على فساد مذهب المجبرة]

صفحة 883 - الجزء 2

  إنه صفة فعل، فعلى الأول يقال: معنى ملكه للعباد أنه قادر على التصرف فيهم بالإيجاد والإعدام والبعث ونحو ذلك، ومعنى ملكه لأعمالهم أنه قادر على جزائهم عليها على حسب ما يقتضيه العدل والحكمة، وإنما قلنا هذا؛ لقيام الدليل القاطع على أنهم الفاعلون لها، وعلى قبح الإثابة والمعاقبة لمن ليس له فعل.

  وعلى الثاني يقال: معنى كونه مالكا لهم إنه مستحق للتصرف فيهم بعد وجودهم بالإعدام والإيلام ونحوهما، ومعنى كونه مالك أعمالهم أنه مستحق للتصرف فيها بالجزاء والمحاسبة عليها، وكل ذلك⁣(⁣١) بحسب ما تقتضيه حكمته وعدله.

  وهذا كله لا يتوقف على كونه الخالق للداعية. والجواب عن الثاني: أنه مبني على أصل فاسد وهو: أنه خلق الخلق للجنة والنار، وبطلانه لا يحتاج إلى بيان فقد ثبت بالدلالة والبرهان أن الله تعالى متفضل بإيجاد الخلق ومحسن إليهم بتكليفهم، وأنه إنما خلق المكلفين لعبادته، وكل ذلك مبسوط في غير هذا الموضع.

  وأما قولهم: إن له صفة لطف ... إلخ فمسلم، لكن لطفه ورحمته للمؤمنين، وقهره ونقمته على المذنبين كما أخبر بذلك في الذكر المبين، فلا نطيل بما قد تكرر ذكره وبما سيأتي في مواضع تحقيقه.

  وأما قولهم: كما ينبغي لكل ملك فلعمري لقد دخلوا فيما يعيبون علينا من قياس أفعال الباري تعالى على أفعالنا مع أنهم عابوا علينا


(١) أي استحقاقه للتصرف في العباد وفي أعمالهم. تمت مؤلف.