المسألة الثالثة [قراءة الآية يدل على التوحيد]
  وقال المنصور بالله #: تجزيه. وقال الإمام المهدي #: إن فعلها امتثالاً لأمر الله ليستحق ثوابه وينجو من عقابه فلا إشكال أنها تجزيه، فإن لم يخطر بباله الامتثال وهو يعلم أنه لا ثواب له إلا بالامتثال ولا عقاب إلا بالعصيان أجزأته أيضا.
  وفي شرح النهج عن بعض المتكلمين: أنه ينبغي أن يفعل الإنسان الواجب لوجه وجوبه، ويترك القبيح لوجه قبحه، وربما قالوا: يفعل الواجب؛ لأنه واجب ويترك القبيح؛ لأنه قبيح، وظاهر قولهم: إنه ينبغي ... إلخ أن ذلك لا يجب، لكن في (العلم الشامخ) عن المعتزلة: أن العبادة لا تصلح لطلب النفع ولا لدفع الضرر فلا تصح رجاء للجنة ولا خوفا من النار.
  وقال ابن أبي الحديد: العبادة لرجاء الثواب تجارة ومعاوضة، والخوف العقاب بمنزلة من يستخذي(١) لسلطان قاهر يخاف سطوته، وتلك ليست عبادة نافعة، وهي كمن يعتذر إلى إنسان خوف أذاه ونقمته، لا لأن ما يعتذر منه قبيح لا ينبغي فعله، فأما العبادة الله شكرا لأنعمه فهي عبادة نافعة؛ لأن العبادة شكر مخصوص، فإذا أوقعها على هذا الوجه فقد أوقعها الموقع الذي وضعت عليه.
  قلت: الذي يدل عليه ما في القرآن من الترغيب في العمل الصالح بالثواب والزجر عن المعاصي بالتوعد بالعقاب أنه يجزئ فعل العبادة امتثالاً للأمر مع طلب الثواب والسلامة من العقاب، وإلا لم يكن
(١) بالخاء والذال المعجمتين أي يخضع. تمت مؤلف.