تفسير قوله تعالى: {إياك نعبد} من سورة الفاتحة
  لذلك الترغيب والترهيب فائدة، إلا أن هذه العبادة ليست كالعبادة المفعولة لمجرد الشكر والامتثال، وقد جعل بعض العلماء العبادة على ثلاث درجات:
  أحدها: أن يعبد الله رغبة في ثوابه وهرباً من عقابه، وهذه مرتبة نازلة عند المحققين لأنه لم يقصد بها عند التحقيق إلا التوصل إلى المطلوب.
  الثانية: أن يعبده تشرفا بعبادته أو بقبول تكاليفه أو بالانتساب إليه، وهذه الدرجة متوسطة وليست كاملة لأن المقصود بالذات غير الله.
  الثالثة: أن يعبده لكونه إلها، والعابد عبداً له، والإلهية تقتضي الهيبة والعزة، والعبودية توجب الخضوع والذلة، وهذه أعلى الدرجات.
  قلت: ولا بد من قصد الشكر لهذا الإله العزيز.
  وفي كلام أمير المؤمنين # قريب من هذا التقسيم. وهو قوله: (إن قوما عبدوا الله رغبة فتلك عبادة التجار، وإن قوما عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد، وإن قوماً عبدوا الله شكرًا فتلك عبادة الأحرار) رواه في النهج.
  ولزين العابدين # نحوه، وهو يدل على ما قلناه من أن العبادة لطلب الثواب والسلامة من العقاب تجزئ إلا أنها دون ما تمحضت للشكر.
  فإن قلت: أليس ما تقدم من إفادة الآية الاختصاص يمنع من الإجزاء إن لم تكن العبادة الله تعالى خالصة من كل شائب وحظ للنفس؟