مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

[معنى الاستعانة]

صفحة 907 - الجزء 2

  قوله تعالى: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ٥}

[معنى الاستعانة]

  الاستعانة: طلب المعونة، وهي عند أصحابنا: تمكين الغير من الفعل مع الإرادة له، قاله السيد مانكديم، وأحسن منه ما ذكره أنها الفعل الذي يفعله المعين ليتوصل المعان وهو: الموفق بالله #، على ما يعينه عليه مع إرادته لذلك، قالوا: ولا بد من اعتبار الإرادة لأن من دفع إلى غيره سكينا ليذبح به شاة فلا يوصف بأنه أعانه إلا إذا أراد منه الفعل، ولذلك قالوا: لا يجوز إطلاق القول بأن الله تعالى أعان العاصي على معصيته؛ لأنه لا يريد منه ذلك ولا يرضاه، بخلاف قولنا: إنه يجوز إطلاق القول بأنه أعان على الطاعة لأنه يريدها ويرضاهاء وأما المجبرة فظاهر كلامهم أن المعونة بمعنى القدرة؛ لأنهم استدلوا بالآية على مذهبهم في نفي أفعال العباد، فقالوا: لو كان العبد مستقلاً بفعله لما كان للاستعانة على الفعل فائدة. وقال الرازي: الإعانة عبارة عن خلق الداعية الجازمة، وإزالة الداعية الصارفة بناء على أصله في الجبر، وهو أن القدرة لا تؤثر إلا مع الداعية، والداعية من فعل الله كما قد كرر ذلك في مواضع فيلزم الجبر من هذا الوجه عنده.