مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

[معنى الاستعانة]

صفحة 908 - الجزء 2

  والجواب على (المجبرة): أنه لا خلاف أن القرآن عربي، وأن الواجب الرجوع في تفسيره إلى ظاهر اللغة العربية إلا لدليل يوجب العدول عن الظاهر، ولم نجد في اللغة ما يدل على تفسير المعونة بالقدرة فانظر القاموس وغيره، ولا موجب للعدول عن الظاهر وهو ما ذكره الأصحاب، بل قام الدليل على أنه لا يجوز أن تكون المعونة هي القدرة، وهو أن أحدنا قد يعين الغير على الفعل، مع استحالة إقداره عليه، وكذلك الجمل، يقال: إنه معونة على كذا، وإن استحال أن يكون قدرة، وكذلك السكين وغيره من الآلات.

  قال الموفق بالله #: القدرة لا تسمى حقيقة معونة، ولذلك يقال: لفلان قوة وقدرة على تحريك هذا الجسم، ولا يقال له معونة على تحريكه. وأما الرازي فكلامه مبني على أن الفعل لا يقع إلا لمرجح وداع وذلك من فعل الله، وقد مر كلامنا على ذلك. وقد استدل بالآية هنا على طريقة أخرى أيضًا، وهي: أن الخلق يطلبون الدين الحق والاعتقاد الصدق مع استوائهم في القدرة والعقل والجد والطلب ففوز البعض ليس إلا بإعانة معين. وليس ذلك إلا الله؛ لأن المعين لوكان بشرا أو ملكا لعاد الطلب فيه.

  والجواب أولاً: أنه قد نقض قوله هنا باستوائهم فيما ذكر في البقرة؛ فإنه جعل الاستواء في هذه الأمور ونحوها من المستحيل، وقد عرّفناك مرارا أنه لا يبالي في مقام الجدل بمناقضة الكلام ومعاكسة الأحكام.

  وثانياً: أن نقول ما أردت بقولك ليس إلا بإعانة معين، هل أردت