المسألة الأولى [معنى الهدى]
  الثالث: التوفيق الذي يختص به الباري تعالى من اهتدى، قال الناصر # ما معناه: وقد يزيد الله تعالى من أطاعه واتبع ما دل عليه وهداه له للطفه من شرح صدره، وفتح سمعه وبصره، وتذكية قلبه. حتى يزداد بصيرة في دينه ومعرفته ويقينه، كما قال تعالى: {فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ}[البقرة: ٢١٣] وقال: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ}[التغابن: ١١] وقال: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى}[عمد: ١٧].
  ومثله للهادي # والإمام أحمد بن سليمان #، وهو قول العدلية جميعاً، فإني لا أعلم بينهم خلافا في صحة إطلاق الهدى بمعنى التوفيق والتسديد.
  قال الهادي والناصر #: وذلك من الله جزاء للمطيعين على أعمالهم الصالحة، ومكافأة على فعلهم. وفي كلام الإمام أحمد بن سليمان # ما يدل على أن ما كان بمعنى التوفيق والتسديد لا يسمى جزاء، وإنما هو تفضل، كما في قوله: {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ}[الحجرات: ٧] إلى قوله: {فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً}[الحجرات: ٨] قال: فبين أنه فضل والفضل غير الجزاء.
  الرابع: بمعنى الهداية في الآخرة إلى الجنة والتقديم إليها قوله تعالى: {سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ ٥}[محمد]. ذكره الراغب.
  وقال القرشي: هي في الآية بمعنى الثواب كما في قوله تعالى: {يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ}[يونس: ١٩]، قال الراغب: وهذه الهدايات الأربع مترتبة، فإن من لم يتحصل له الأولى لا تحصل له الثانية،