قوله تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم 6} من سورة الفاتحة
  أن من حكم الله له بالهداية ووصفه بها فهو المهتدي حقا؛ لأنه لا يحكم له بذلك إلا عن علم.
  هذا هو الظاهر من تقرير الاحتجاج بالآية، لأن الناصر # احتج بها ولم يحرر الاحتجاج بها على ما ينبغي، لكن هذا هو الظاهر من كلامه. والله أعلم.
  ومن الأدلة على ذلك قوله تعالى: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ}[النساء: ٨٨] إلى قوله: {أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ}[النساء: ٨٨] المعنى: أتريدون أن تسموا مهتديا من سماه الله ضالاً وحكم عليه بذلك، وقول الشاعر:
  ما زال يهدي قومه ويضلنا ... جهلاً وينسبنا إلى الكفار
  فإن قيل: هل الهدى مشترك بين هذه المعاني فيكون حقيقة في الكل أم هو حقيقة في بعض مجازٌ في البواقي؟
  قيل: قد قال بعضهم: إنه حقيقة في الدلالة والبيان لتبادر الفهم إليها عند الإطلاق، مجاز في البواقي.
  قال الإمام المهدي # وهو الأقرب: والظاهر أنه حقيقة في الكل؛ لأن أئمة العترة وعلماء الأمة نقلوا هذه المعاني عن أهل اللغة، ولم يفرقوا بينها بالحقيقة والمجاز، بل رووها عن العرب، وقد اعتمدنا في النقل على الكتب الموضوعة في مفردات اللغة وعلى ما ذكره أئمة العترة عن العرب.
  قال الناصر #: الهدى منه سبحانه له وجوه ومعان بينة واضحة موصوفة في لغة العرب، وعند أهل الفصاحة والبيان. ثم ذكر ما حكيناه عنه من المعاني.