قوله تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم 6} من سورة الفاتحة
  وقال زيد بن علي # في (تفسير الغريب): الهداية التثبيت(١)، والهداية العون والهداية البيان.
  وقال ابن جرير: الهداية في كلام العرب بمعنى التوفيق أكثر وأظهر عدد ما جاء عنهم من الشواهد في ذلك، ثم استدل من أن يحصى على ذلك، ومن جملة أدلته قوله:
  ولا تعجلني هداك المليك ... فإن لكل مقام مقالاً
  قال: فمعلوم أنه إنما أراد وفقك الله لإصابة الحق في أمري، ومنها: قوله تعالى: {وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ١٩}[التوبة] إذ المعلوم أنه لم يرد أنه لا يبين لهم الواجب عليهم، وكيف يجوز ذلك وقد عم بالبيان المكلفين، فلم يبق إلا أن المراد بالآية أنه لا يوفقهم ولا يشرح صدورهم.
  ونص أبو السعود: على أن الهدى بمعنى الزيادة حقيقة؛ لأن الهداية الزائدة هداية كما أن العبادة الزائدة عبادة. وعلى الجملة فإن كل من حكى معنى من هذه المعاني لم يلمح إلى كونه مجازا، بل يطلقون استعمالها في تلك المعاني، والإطلاق دليل الحقيقة، إذ لو كانت مجازا في شيء منها لوجب نصب القرينة. إذا عرفت هذا فاعلم أنه قد تكرر في كتاب الله تعالى ذكر الهدى، وظاهر الآيات التعارض لأنه تارة يثبت الهداية لعموم المكلفين، وتارة ينفيها عن بعضهم كما في قوله: {وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ١٩}[التوبة] وقد ثبت قطعاً أن القرآن
(١) التثبيت والعون داخلان في التوفيق. تمت مؤلف.