المسألة الثالثة: {اهدنا} صورته صورة الأمر
  الثاني: الندب وهو ما لم يكن فيه جزم من الطلب نحو: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا}[النور: ٣٣]؛ قيل: ومنه التأديب والإرشاد، أما التأديب فكقوله ÷ لعمر بن أبي سلمة وهو دون البلوغ ويده تطيش في الصحفة: «كل مما يليك». رواه الشيخان من حديثه، ووجه عده من المندوب، أن الأدب مندوب إليه إلا أنه متعلق بمحاسن الأخلاق فهو أخص من المندوب، وأما الإرشاد فكقوله تعالى: {فَاكْتُبُوهُ} ولا يكون بمعنى الندب إلا إذا قصد به العمل بما أرشد إليه الشارع، سواء قصد مع ذلك غرض نفسه أم لا، إلا أن ثوابه ينقص مع مشاركة الغرض، فأما إذا لم يأت به إلا لمجرد غرضه فلا يدخل في الندب ولا يستحق عليه ثواباً، وهو إذا دخل في الندب أخص منه لأنه يختص. بمنافع الدنيا، والندب يعمة ويعم التأديب.
  وقال الغزالي وصاحب (جمع الجوامع): هما مغايران للندب عصر ووافقهما الرازي، وصاحب (الفصول) في الإرشاد، قال في (شرح الغاية): ومنهم من فرق بين التأديب والندب بأن بينهما عموما وخصوصاً من وجه؛ لأن الأدب يتعلق بمحاسن الأخلاق، أعم من أن يكون المكلف وغيره، ويدل عليه أن عمر بن أبي سلمة كان إذ ذاك صغيرا، ولهذا جاء في بعض الروايات: «يا غلام سم الله ...» إلى آخره، والندب يختص بالمكلفين، وهو أعم لشموله لمحاسن الأخلاق وغيرها. وبين الإرشاد والندب بأن الأول لا ثواب فيه، والثاني فيه الثواب قال المحشي: فهما متباينان، قال الشارح: ويمكن الدفع بأن الخطاب وإن كان لعمر بن أبي سلمة فالمراد به التأديب لكل الأمة فلا يضر