مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الثالثة: {اهدنا} صورته صورة الأمر

صفحة 927 - الجزء 2

  الثالث: الإباحة نحو: {كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ}⁣[المؤمنون: ٥١] ونحو: جالس الحسن أو ابن سيرين، أي يباح لك أن تجالس أحدهما أو كليهما وأن لا تجالس أحدهما، وتفارق التخيير الذي له نحو هذا التركيب بأنه لا يجوز الجمع بين الأمرين في التخيير دون الإباحة، وكلها ظاهرة أن الإباحة غير مستفادة من (أو) بل من الصيغة و (أو) كأنها قرينة وعند النحويين أنها مستفادة من (أو) قيل: والتحقيق أن المستفاد من الصيغة مطلق الإذن، ومن (أو) الإذن في أحد الشيئين مثلاً، وما وراء ذلك من جواز الجمع بينهما وتركهما فبالقرائن.

  وقال (السبكي): إن الأصوليين قاطبة فسروا الإباحة بالتخيير وإن كان التحقيق خلافه، فإن الإباحة هي إذن في الفعل وإذن في الترك ينظم إذنين معاً، والتخيير إذن في أحدهما لا بعينه. ومن الإباحة الإذن كقولك لمن طرق الباب: أدخل، وقوله تعالى: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا}⁣[المائدة: ٢] وجعله صاحب الجمع قسما مستقلا، ولعل الفرق: أن الإذن فيما تقدمه حظر، فعلى هذا يكون أخص وليس بمباين. ومنها: الامتنان نحو: {وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ}⁣[المائدة: ٨٨] وبعضهم يسميه: الإنعام، وبعضهم فرق بينهما وجعل الأول ما أريد به الامتنان كالمثال والثاني ما قصد به تذكير النعمة نحو: {كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ}⁣[الأعراف: ١٦٠] ولم يظهر بينهما فرق، ومنهم من فرق بينهما وبين الإباحة، ولعله بكونها أعم.

  ومنها: الإكرام نحو: {ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ}⁣[الحجر: ٤٦] وبعضهم جعله مستقلاً. والعلاقة بين الطلب والإباحة، قيل: هي التضاد لأن إباحة كل