قوله تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم 6} من سورة الفاتحة
  فإن قيل: طاعة العبد السيده أمر شرعي، وذمه لدليل الشرع لا لأجل اللغة، وطاعة الولد لوالده أمر عقلي لا لغوي.
  قيل: إن ذلك وإن صار الآن شرعيًا فإن أهل اللغة كانوا يستخدمون السودان ويتملكونهم ويذمون العبد عند المخالفة، وكذلك الولد(١)، وهذا أمر لغوي.
  فإن قيل: ذم أهل اللغة لا يقضي بالوجوب إذ لا حكمة فيهم ولا عصمة فقد يذم أحدهم غيره على ترك القبيح كما يفعلون عند كف أحدهم عن مصاولة الأقران، وإن كان ذلك قبيحا، وغير ذلك من أفعالهم.
  قيل: إنا لم نصوبهم في اعتقادهم الوجوب، ولا نقول أن ما قالوا بوجوبه فهو واجب في نفس الأمر، وإنما استدللنا بأنهم وضعوا صيغة (افعل) للوجوب واعتادوا ذلك، فإذا خَاطَبَنا الله بلغتهم كان قد وضع هذه الصيغة للوجوب، وهو تعالى عدل حكيم لا يوجب إلا ماله وجه وجوب يخصه.
  والحاصل أن استدلالنا بوصفهم لا باعتقادهم.
  فإن قيل: المعصية في اللغة هي المخالفة والعدول عن الرأي لا ما يقتضي الذم والعقاب، وإذا كان كذلك فالوصف بالعصيان لا يدل على الوجوب كالمخالفة.
  قيل: ومن أين لكم أن المخالفة لا تقتضي الذم والعقاب؟ وقد قدمنا
(١) بمعنى أنهم كانوا يذمونه عند مخالفة والده. تمت مؤلف.