مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم 6} من سورة الفاتحة

صفحة 939 - الجزء 2

  القول الثالث عشر: حكاه في الجمع أيضًا عن الإسفراييني وإمام الحرمين واختاره، وهو أنه حقيقة لغوية في الطلب الجازم فلا يحتمل تقييده بالمشيئة⁣(⁣١) فإن صدر من الشارع أوجب صدور الفعل منه، بخلاف صدوره من غيره إلا من أوجب هو طاعته، قال: وهذا غير القول الأول، أعني: أنه للوجوب شرعًا لأن جزم الطلب على هذا لغوي، وعلى ذاك شرعي. فهذا ما عثرنا عليه من الأقوال في المسألة، وقد ذكر في الغاية وشرحها الاتفاق على أنه مجاز في سائر المعاني التي ذكرها ما خلا الخمسة التي ذكرتها الإمامية، فأما فيها فعلى الخلاف وفي دعوى الاتفاق نظر لما عرفته من القول باشتراكه بين الأحكام الخمسة⁣(⁣٢)، ولأنه قد حكى بعضهم أنه حقيقة في التعجيز والتكوين وقال السبكي في شرح التخليص: إن استعمال (افعل) للدعاء والالتماس حقيقة فلا ينبغي أن يعدا مما خرجت فيه صيغة الأمر عن حقيقته. وإذ قد أتينا على هذه الأقوال فلنأخذ في الاحتجاج لها فنقول:

  احتج القائلون بالوجوب لغة وشرعاً: أما من جهة اللغة فمن وجوه:

  أحدها: أن أهل اللغة يذمون العبد إذا لم يمتثل أمر سيده، والولد إن خالف أمر والده ويصفونهما بالعصيان، فلولا أنه للوجوب لما ذموه ونسبوه إلى العصيان؛ إذ هذا الاسم إنما يجري على من فعل قبيحا أو ترك واجبا، قال الشاعر:

  أمرتك أمراً جازما فعصيتني ... البيت


(١) أي كما يقيد بها في الندب. تمت مؤلف.

(٢) أي ومنها التحريم والكراهة. تمت مؤلف.