المسألة الثانية [نعمة الله على الكافر]
  على العبد في نفسه وذاته بأن جعل له عينين ولساناً وشفتين وأنفاً وأذنين ويدين ورجلين انظر إلى ما اشتملت عليه هذه الأعضاء من المنافع التي لا يقادر قدرها ولا يستطاع الوفاء بشكرها، ومن ذلك ما خول الله الإنسان من الأرزاق والغذاء التي لا بقاء له ولا نماء إلا بها، ثم سهل له الطريق إلى دخول غذائه ويسر خروج ما يضره بقاؤه، ومن ذلك ما جعل له من النفس الذي يستنشق به الهواء الذي هو سبب الحياة، والهواء في نفسه نعمة عظيمة لما جعل الله فيه لعباده من المنافع والمصالح الجسيمة، ويكفيك من ذلك أن الحي إذا فارق الهواء مات، ومن ذلك خلق السماء والأرض وما جعل الله فيهما من المنافع التي لا تحصى، فمن منافع السماء: ما جعل الله فيها من الشمس والقمر والنجوم، أما الشمس فلولا طلوعها وغروبها لبطل أمر العالم واختل نظامه، فمن منافع طلوعها: سعي الناس إلى معائشهم وبلوغهم أقصى مآربهم، وصلاح زروعهم وثمارهم فإن الموضع الذي لا تطلع عليه الشمس لا يزكو فيه زرع ولا ثمر، ومن منافع غروبها: أنها لو لم تغرب لم يكن للناس سكون ولا راحة مع حاجتهم إلى ذلك لأن في هدوئهم تحصيل للراحة وانبعاث للقوة الهاضمة، وتنفيذ الغذاء إلى الأعضاء، ومن منافعه: أنه لولاه لاحترق كل ما على وجه الأرض بحر الشمس، ولهلك به كل حيوان.
  وأما القمر فمن منافعه معرفة السنين والحساب، ومنها: أنه ينتفع بطلوعه الساري ومن ضل عنه شيء فأخفاه الظلام، وينتفع بغروبه