مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {صراط الذين أنعمت عليهم} من سورة الفاتحة

صفحة 974 - الجزء 2

  الخائف الهارب من العدو، إذ ظلمة الليل تستره فلا يلحقه العدو، وكما قال المتنبي:

  وكم لظلام الليل عندي من يدٍ ... تخبر أن المانوية⁣(⁣١) تكذب

  وأما النجوم فمن منافعها: معرفة القبلة واهتداء المسافر في البر والبحر، وكونها رجومًا لأعظم الأعداء للمكلف وهم الشياطين.

  وأما منافع الأرض فهي كثيرة: من ذلك ما جعل الله فيها من الجبال المانعة لها من الميدان بأهلها، وما جعل للإنسان فيها من الأنعام والزينة والزرع والنخيل والأعناب وغير ذلك من الفواكه وصنوف المعائش والأرزاق، وذلك كله نعمة للإنسان.

  وعلى الجملة إن إنكار النعم الدنيوية الشاملة للكفار كإنكار ظلمة الليل وضوء النهار، وخروج عن زمرة ذوي العقول والأفكار، ودخول في مذهب السوفسطائية الأغمار، هذا مع ما ورد في كتاب الله تعالى وسنة نبيه ÷ من التمنن بالنعم على الناس كافة.

  والإخبار بها والتحذير من كفرانها والجحود لها ونسبتهم إلى الظلم والكفر عند ترك الشكر، ويكفي ما ذكره الله تعالى في سورة إبراهيم في قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا ...} إلى قوله: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ٣٤}⁣[إبراهيم] وفي سورة النحل من أولها إلى قوله: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا}⁣[النحل: ١٨] من تعداد النعم العامة ما لا ينكره إلا معاند.


(١) المانوية فرقة تنسب الخير إلى النور والشر إلى الظلمة. تمت مؤلف.