مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الخامسة [في اللطف]

صفحة 985 - الجزء 2

  يكون في احتياله في تحصيل مقصوده كالجسم اللطيف الذي يداخل الجسم بسهولة من دون إخلال بالمدخول فيه، وعليه قول الشاعر:

  لو سار ألف مدجج في حاجة ... ما نالها إلا الذي يتلطف

  أي الذي يحتال في تحصيلها بسهولة كالجسم اللطيف الذي دخل في قلب من الحاجة إليه بلا مشقة، والمدجج بجيمين: لابس عدة الحرب كاملة، وفي القاموس: والمدجج: الشاك في سلاحه.

  ولما كثر استعماله في هذا المجاز - أعني ما قرب من نيل الغرض - وكان بعض الحوادث مما يقرب من فعل ما كلف به أو تركه بسهولة سمى المتكلمون ذلك الحادث لطفا مطابقة للمعنى اللغوي، وقد يسمونه صلاحًا ومصلحة لأنه يحصل به صلاح الدين، ويسمى أصلح أي: أصلح من مصالح الدنيا لأن مصلحته دينية لتأديته إلى النعيم الأبدي، وعلى هذا فالمراد منه المفاضلة، وقيل: ليس المراد المفاضلة بل المعنى أنه لا يقوم مقامه شيء في باب الصلاح كما في قولهم: الله أكبر، وقد يسمى استصلاحا لما فيه من طلب صلاح المكلف، وإذا عرفت المعنى اللغوي فلنتكلم في المعنى الاصطلاحي فنقول: قد اختلف أصحابنا في حده، فقال السيد ما نكديم هو ما يختار المرء عنده الواجب ويتجنب عنده القبيح أو ما يكون عنده أقرب إلى اختيار الواجب أو ترك القبيح، وليس بجامع الخروج اللطف في فعل المندوب وترك المكروه.