قوله تعالى: {صراط الذين أنعمت عليهم} من سورة الفاتحة
  وقال القرشي: هو ما يختار المكلف عنده الطاعة لأجله بعد التمكين(١) أو يقرب من اختيارها كذلك، والمفسدة ما يقابله، وقيل: هو ما يدعو المكلف إلى فعل ما كلف فعله أو ترك ما كلف تركه أو إلى مجموعهما لأجل أنه كلف بذلك ما لم يبلغ به حد الإلجاء، واختار هذا الحد الإمام المهدي #، وقد اعترضه بعض المحققين بأنهم قد جعلوا اللطف من قبيل الدواعي، وليس كذلك لأن الدواعي هي الاعتقاد أو الظن بأن في الفعل جلب نفع ودفع ضرر، وهذه الدواعي تثبت مع الألطاف وعدمها؛ ألا ترى: أنا نعلم أن لنا في الطاعة جلب نفع ودفع ضرر وإن لم تقع الألطاف التي هي الأمراض وسماع المواعظ وفعل الشرعيات، وكذلك معرفة الله تعالى فإنها لطف وليست هي الداعي، وإنما الداعي هو العلم بأن هذا الفعل مما يستحق عليه الثواب والعقاب، وأيضا فإن الداعي لا بد منه في كل ما كلفناه ولهذا قالوا: لا بد وأن يكون المكلف متردد الدواعي بخلاف اللطف فإنه يختص ببعض الأفعال، فثبت أن اللطف هو ما يختار عنده، سواء كان داعيا، أم ألماً، أم كلامًا، أم صلاة، أم غير ذلك مما لا يدعو.
  وأجيب: بأن هذا مؤاخذة لهم بظاهر العبارة؛ لأن المعلوم قطعا أنهم لا يقولون بأن الألطاف لا تكون إلا من قبيل الدواعي التي هي الاعتقادات والظنون فقط فإنهم لا يزالون ينصون على أن وجه حسن الآلام وغيرها كونها لطفا، وإنما أرادوا بقولهم: إن الألطاف تدعو
(١) وتحديدها هنا بأن تبدل لفظة الطاعة في حد اللطف بالمعصية. تمت مؤلف.