المسألة الخامسة [في اللطف]
  لأن التكليف يقتضيه. وقال جعفر بن حرب، وإحدى الروايتين عن أبي هاشم: إن استحق من الثواب مع عدم اللطف أكثر مما يستحقه إذا آمن معه لم يجب وإلا وجب. وعن قاضي القضاة: أنه لا يجب إلا ما كان توفيقا أو عصمة، وقواه الإمام عز الدين.
  وللجمهور حجج:
  الحجة الأولى: أن الغرض بالتكليف تعريض المكلف المنافع الثواب فإذا كان في مقدوره تعالى ما لو فعله به لاختار الواجب واجتنب القبيح فلا بد من أن يفعل به ذلك، وإلا عاد على غرضه بالنقض، وصار الحال فيه كالحال في أحدنا إذا أراد من بعض أصدقائه أن يجيب إلى طعام قد اتخذه له فإنه يجب عليه أن يدعوه إذا علم من حاله أنه لا يجيب إلا بدعائه، وإلا عاد على غرضه الذي هو الإجابة بالطعام بالنقض ويصير اصطناعه للطعام عبنا فكذلك هاهنا.
  فإن قيل: إنما وجب في الشاهد لأنه يتضرر بالإنفاق مع عدم حصول الغرض بخلاف الباري تعالى؟
  قيل: إنا نفرض الكلام فيمن لا يبالي ولا يتضرر، ثم إنه لو وجد الفرق من هذا الوجه فلا فارق بينهما في مصير الفعل عبنا والقديم تعالى لا يفعل العبث لقبحه.
  فإن قيل: إن أحدنا قد يصنع للغير طعامًا ثم يبدو له في إرادة تناوله فلا يجب عليه الدعاء؟
  قيل: إنا نفرض الكلام مع استمرار الحال في الإرادة لتناول الطعام