مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {صراط الذين أنعمت عليهم} من سورة الفاتحة

صفحة 990 - الجزء 2

  كما يستمر الحال في إرادة الله تعالى للطاعة، وأن غرضه بالتكليف باق، إذ لا يجوز عليه البدا والخواطر.

  فإن قيل: لو وجب ذلك لوجب أن يشاطره ماله إن علم أنه لا يجيب إلا بذلك، وكذلك يلزم في السيد إذا قال لعبده: اسقني ماء، وعلم من حاله أنه لا يمتثل إلا بعتقه أن يجب؟

  قيل: أما الأول ففيه تفصيل وهو أن نقول: إن كان الغرض بإحضاره نفعه - أي: المدعو - بدعائه إلى الطعام فلا تجب المشاطرة لأنه يلحقه ضرر بذلك وهو ينقض الغرض، وتركه⁣(⁣١) لا ينقضه، وإن كان الغرض نفع نفسه أعني فاعل الطعام بما يحصل له من سرور أو ثناء أو جزاء فإن كان الضرر الذي يلحقه بالمشاطرة يساوي النفع أو يزيد عليه فالقول ما تقدم من أن ذلك يبطل الغرض، والمسألة مفروضة مع بقاء الغرض، وإنما قلنا: إنه ينقض الغرض لما تقرر من أن المصلحة إذا لزم منها مفسدة راجحة أو مساوية صارت مفسدة، ولا شك أن الغرض هنا النفع، فإذا لزم منه ما ذكر لم يكن نفعا بل ضرراً وهو معنى نقض الغرض، وإن كان دون ذلك النفع كأن يكون المدعو ملكا يحصل له من ضيافته نفع زايد على ضرر المشاطرة من مال عظيم أو جاه عريض أو ثناء كثير فإنها تجب المشاطرة حينئذ، وإلا عاد على غرضه بالنقض، لا سيما إذا كان صنع الطعام بعد العلم بأنه لا يأتيه إلا بالمشاطرة، ولا شك أن الباري تعالى لا غرض له في التكليف إلا نفع المكلف، ولا يلحقه في فعل اللطف ضرر فيجب.


(١) أي ترك ذلك وهو المشاطرة لا ينقض الغرض. تمت مؤلف.