قوله تعالى: {صراط الذين أنعمت عليهم} من سورة الفاتحة
  الغير حقه واجب، فصح وصف الألطاف بالوجوب تجوزا والمقصود أنه تعالى يفعلها لا محالة، وأنه لا يجوز الإخلال بها، ولا مشاحة في العبارات.
  احتج جعفر بن حرب ومن وافقه أما على عدم وجوب اللطف الذي يستحق من الثواب مع عدمه أكثر مما يستحقه معه، فلأن الغرض التعريض لمنافع الثواب، وقد عرضه مع عدم اللطف لمنافع لا تنال مع حصوله، وإنما أتي المكلف من جهة نفسه، وتكون هذه الصورة كزيادة التكليف بأنواع من التكاليف إذا علم الله أنه بسبب تلك الزيادة يخل بفعل ما يكلفه فيستحق العقاب، ولا شك أن وجه حسن هذه الزيادة كونها تعريضاً لمنافع لا تنال إلا بها، فلذلك يحسن التكليف مع عدم اللطف لمثل ذلك، واحتجوا على وجوبه أنه لم يستحق من الثواب مع عدمه أكثر مما يستحقه مع وجوده بأنه لا وجه يقتضي حسن الإخلال به حينئذ، بل يكون ناقضا للغرض بالتكليف(١).
  والجواب من وجوه:
  أحدها: ما ذكره قاضي القضاة من أن ذلك يؤدي إلى أن لا يجب على الله لطف، لأنه ما من فعل إلا وهو مع اللطف أسهل، ومع عدمه أشق، والثواب يزداد بكثرة المشقة، قال الإمام عز الدين: وفيه نظر، فليس بمسلم على الإطلاق.
(١) يعني وهذا الوجه يقتضي وجوبه. تمت مؤلف.