مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {صراط الذين أنعمت عليهم} من سورة الفاتحة

صفحة 1006 - الجزء 2

  قلت: ولقائل أن يقول: لا تعارض في كلامه فإن أوله يقتضي وجوب لطف زائد وهو ما يحصل به مطلق المعونة والتوفيق، والآخر يدل على أن ما زاد على ذلك فهو تفضل.

  احتج القائلون بأنه يفعله لا محالة وإن لم يجب بأنه لو لم يفعله لا نتقض غرضه بالتكليف وليس للطف وجه يقتضي وجوبه، وإنما يستلزم الذم على التكليف مع عدمه، ولا عليه، وإذا كان لا يستحق الذم إلا على فعل غيره فلا وجه لوصفه بالوجوب وإن كان يقع لا محالة.

  قيل: وهذا يشبه ما يقوله أبو القاسم: إنه لا يجب كما يجب قضاء الدين على المدين، بل من طريق الجود. قال الحاكم: وصاحب هذا القول خلافه لفظي.

  قال الإمام المهدي #: كأنه يجنب إطلاق الوجوب على الله وإن كانت حكمته تقتضي لا يخل به.

  قلت: وهذا هو الظاهر من مذهب الإمام القاسم بن محمد #، وقد نظر الإمام عز الدين # كون الخلاف لفظيا وقال: الحق أنه معنوي بأنهم لا يجعلون فعل اللطف واجبًا في نفسه، والجواب عما احتجوا به أن الله تعالى لما جعل فعل الواجب وترك القبيح شاقين علينا تعريضا على النفع العظيم وجب عليه أن يكمل التعريض بإزاحة عللنا، وإلا جرت تلك المشقة مجرى الضرر العاري عن النفع، فصارت إزالة العلل كالحق لنا عليه تعالى حينئذ، ولا شك أن إيفاء