مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {صراط الذين أنعمت عليهم} من سورة الفاتحة

صفحة 1014 - الجزء 2

  ببعض الطاعات بأن يعلم الله من حاله أنه إذا أطاع صار له في المقدور ألطاف كثيرة.

  قال القرشي: ولقائل أن يقول: أصل المسألة مبني على إزاحة العلة، وذلك يحصل ببعض الألطاف فمن أين يكون ترك البعض الآخر نقضا للغرض؟ وما المانع من أن يختص الله به من يشاء، وقد أجزتم سلب الألطاف؟ وإذا جازَ أَن لا تستمر على أبلغ الوجوه جاز أن لا يبتدأ بها على أبلغ الوجوه.

  وأما الإمام عز الدين # فقال: إن كلام الجمهور لا يتصور إلا إذا كان اللطف على أحد الوجهين يحصل عنده الآخر، وعلى الآخر يقرب فقط، ولا شك على القول بالوجوب أنه يجب فعل ما يحصل عنده الفعل لا ما يقرب إذ لا غرض في التقريب مع عدم الفعل، ومع هذه الكيفية فقد علم ذلك بما تقدم؛ لأن اللطف في الحقيقة هو ما يفعل عنده لا ما لا يفعل، وأما على تقدير أن الفعل يقع مع كل من الوجهين لكنه مع أحدهما أبلغ، فالأصح أن الله مخير في أيهما لأن الغرض وقوع الفعل المكلف به لا غير.

  قال #: إذا عرفت هذا مع تذكرك لما قدمناه من أنه لا معنى لفعل الله اللطف المقرب، ولا لوجوبه عرفت أنه لا معنى لما ذكر من وجوب اللطف على أبلغ الوجوه، قال: ويمكن أن يقال بل المقصود الوجه الثاني وهو أنه يأتي بالفعل مع كل من الوجهين، لكن مع أحدهما يكون فعله له أكمل من زيادة إخلاص أو رغبة أو نحو ذلك مما يكثر به ثوابه، وفيه تكلف.