المسألة الرابعة [رد الرازي أن غضب الله متولد عن علمه]
  وكيف يجعل الغضب الذي هو الانتقام أو إرادته علة في حصول المعصية مع أنه لا يكون إلا بعد حصولها؛ إذ لا يكون إلا جزاء عليها.
  فإن قيل: أما إذا فسر بإرادة الانتقام فإنه يجوز تقدمها على المعصية.
  قيل: الانتقام قبل حصول سببه قبيح، وإرادة القبيح قبيحة، والله لا يفعل القبيح.
  فإن قيل: هي إرادة مشروطة بفعل المعصية.
  قيل: فقد خرجنا إذا عن محل النزاع؛ إذ المعلوم قطعا أن المشروط لا يؤثر في وجود شرطه.
  وعند التحقيق أن ما ذكروه من الاحتجاج بهذه الآية لا يستحق جوابا لظهور بطلانه عند جميع العقلاء فضلاً عن العلماء، إلا أن ذلك لا يخلو عن فائدة، مع ما فيه من التنبيه على أنهم يتمسكون في تقويم مذهبهم بما علم بطلانه ضرورة حتى على مقتضى أصولهم وقواعدهم، فلا يغتر مغتر بزخرفة عباراتهم وتحسين ألفاظهم في بعض المواضع، وقد نبهنا على هذا مرارًا.
المسألة الرابعة [رد الرازي أن غضب الله متولد عن علمه]
  أورد الرازي هنا سؤالاً وأجاب عنه، وحاصله: أن غضب الله تعالى متولد عن علمه بصدور القبيح، فهذا العلم إما قديم فلم خلق المكلف مع علمه بأنه لا يستفيد إلا العذاب الدائم؟ ولأن من كان غضبان على شيء كيف يعقل منه إيجاده؟ وإما محدث لزم