مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {غير المغضوب عليهم} من سورة الفاتحة

صفحة 1050 - الجزء 2

  فأما ما ذكر عن سليمان بن جرير فإنما أتي فيه من قبل قوله: إنه يقول: إن الله تعالى لم يزل مريدًا، ويثبت ذلك من صفات الذات وقال ما قاله، وقد دللنا على بطلان ذلك ببطلان أصله الذي يتعلق به في أن الإرادة من صفات الذات، ومما يبين فساد ذلك أن الساخط إنما يحسن منه أن يسخط على من فعل قبيحا من عمله فاعلاً لذلك القبيح لا لعلمه بأن الفعل المسخط له سيقع، ألا ترى أن ذلك يقبح منه قبل وقوع القبيح كما يقبح منا أن نعاقب بالضرب والإيلام من لم يأت ما استحق ذلك منه، ثم ذكر # أنه إذا لم يحسن ذلك منا لم يجز من الله تعالى أن يسخط على المؤمن الذي يعلم أنه سيكفر، وأنه لو حسن منه ذلك لحسن منه أن يعاقبه حال إيمانه لعلمه بما سيقع منه، ولحسن أن يعاقبه مع منعه من الطاعة.

  قال #: وهذه طريقة ما سلكها أحد من الأئمة ولا من العلماء من غيرهم سوى هذه المجبرة.

  قلت: قد أفاد # أن ما ذهب إليه ابن جرير قول سائر المجبرة وهو الذي يجري على أصولهم في الإرادة، ويدل عليه ما حكيناه عن الرازي، واعلم أن هذه الشبهة إنما تأتي على ما ذهب إليه الرازي من حمل غضب الله على الإرادة، وأما على قول من فسره بالعقوبة نفسها فالعقوبة فعل الله تعالى حادث اتفاقا، فلا يصح وصفه بالغضب في الأزل بهذا المعنى على أصولهم.