الباب الثاني فيما يتعلق بجملة الفاتحة
  أن عمر صلى بالناس المغرب فلم يقرأ فقيل له: إنك لم تقرأ، فقال: فكيف الركوع والسجود؟ فقالوا: حسنان، فقال لا بأس إذا، ولعل هذا هو مستند ما روي عن الشافعي من القول بعدم الوجوب على من تركها نسياناً، وهذا القول قاله بالعراق ثم رجع عنه بمصر وقال بوجوب الإعادة على الناسي.
  احتج الأكثر بوجوه:
  أحدها: أن كل ما يدل على وجوب قراءة الفاتحة فهو يدل على أن أصل القراءة واجب.
  الثاني قوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ ...}[الإسراء: ٧٨] إلى قوله: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ}[الإسراء: ٧٨] والمراد صلاة الفجر والأمر للوجوب، قال الرازي: أجمعوا على أن المراد منه صلاة الصبح، وكذلك قوله تعالى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ}[المزمل: ٢٠] وقوله: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ}[المزمل: ٢٠].
  قال في (الشفاء): ولا خلاف أنها لا تجب في غير الصلاة فثبت وجوبها فيها.
  قلت: وفي الاحتجاج بالآيتين(١) نظر؛ لأنه قد روي أن الأمر فيها للندب، وروي أنهما نزلتا في صلاة الليل ثم نسختا بالصلوات الخمس، وقيل: إن المراد بما تيسر تلاوة القرآن على خلاف في المتيسر منه كما سيأتي، وبه يسقط دعوى الإجماع على نفي الوجوب
(١) يعني آيتي سورة المزمل. تمت مؤلف.