مسائل مهمة تتعلق بجملة سورة الفاتحة
  احتج أبو حنيفة بأن المقصود المعنى لقوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ ١٩٦}[الشعراء]، {إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى ١٨}[الأعلى]، ولم يكن فيها بهذا اللفظ إجماعاً، بل بالعبرية والسريانية، وأيضا قال الله تعالى: {لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ} والعجم لا يفهمونه إلا إذا ترجم بلسانهم وقد سماه قرآناً.
  وروي أن ابن مسعود علم رجلاً فقال: {إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ ٤٣ طَعَامُ الْأَثِيمِ ٤٤}[الدخان]، والرجل لا يحسنه، فقال قل طعام الفاجر، ثم قال عبد الله: ليس الخطأ في القرآن أن تقرأ مكان العليم الحكيم، إنما الخطأ بأن تضع مكان آية الرحمة آية العذاب.
  والجواب: أنا لا نسلم قصر المقصود على المعنى إذ تتعلق بالألفاظ نكت وفوائد لا تبقى مع عدمها، وكون المعنى موجوداً في زبر الأولين مسلم، لكن لا يلزم من ذلك أن يكون الموجود فيها قرآناً فإن النظم المعجز جزء من ماهية القرآن والكل بدون الجزء مستحيل، وعلى هذا فالضمير لم يعد على القرآن بل على ما تضمنه من القصص والمواعظ من حيث أن معناها ثابت في زبر الأولين، وكذلك اسم الإشارة، وأما قوله تعالى: {لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ} فالمقصود المعنى فيما يتعلق بالإنذار، وإطلاق لفظ القرآن عليه تجوز وارتكاب مثل هذا المجاز جائز مع تلك الدلائل الواضحة لكن المصلي مأمور بقراءة ما يسمى قرآناً حقيقة إذ هو المتبادر من الإطلاق.
  وأما ما روي عن ابن مسعود فالظن يقضي بعدم صحته عنه؛