الباب الثاني فيما يتعلق بجملة الفاتحة
  بمعنى الإعلان، وأن الإعلان عائد إلى معنى الظهور وهذا ظاهر لمن بجنبه. وقال أهل المذهب: بل أقل المخافتة أن يسمع نفسه فقط؛ إذ هو المطابق للمعنى اللغوي، وأما أكثر المخافتة فقال في (البحر) وهو المذهب: هي أن لا يسمع بل تحريك اللسان والتثبت بالحروف ومقصوده أن لا تسمع نفسك ولا غيرك، والظاهر أنه قول المنصور بالله والإمام يحيى كما تفيده عبارة (البحر)، وقال زيد بن علي: لا يكون مخافتاً إلا بذلك، قال في مجموعه من أسمع أذنيه فلم يخافت.
  واحتجوا بما مر من أنهم كانوا يعرفون قراءة النبي ÷ في العصرين باضطراب لحيته، ولأنه قد عبر بتحريك اللسان عن القراءة في قوله تعالى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ}[القيامة: ١٦] إذ معناه النهي عن القراءة قبل فراغ جبريل عن إلقاء الوحي فسمي تحريك اللسان قراءة. واعترضهم الإمام الحسن بن عز الدين # بأن من لم يسمع نفسه فهو غير متكلم لغة ولا شرعاً ولا عرفاً، وشرط القراءة أن يكون ذلك كلاماً.
  وأجاب عن الحديث بأجوبة أحسنها أنه لا يدل على مطلوبهم إلا لو ثبت أن الراوي كان لاصقا به ولم يسمع قراءته، حتى يكون ما لم يُسْمَع قراءة.
  قلت: ولو فرضنا لصوق الراوي وعدم سماعه فمن أين لهم أن النبي ÷ لم يسمع نفسه؟ وأما الآية فأجاب عنها بأنها من قبيل إطلاق اللازم لإرادة الملزوم تجوزاً؛ لأن من لازم القراءة تحريك اللسان.