مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

مسائل مهمة تتعلق بجملة سورة الفاتحة

صفحة 1216 - الجزء 2

  قالوا: لا يشترط في الكلام أن يكون مسموعاً، ذكره الإمام المهدي.

  وأجيب بأنه خلاف ظاهر اللغة فإن ظاهرها أن الكلام هو المسموع فقط كما قال النحويون: الكلام هو اللفظ، واللفظ هو الصوت المسموع ... إلى آخر ما ذكروه.

  قالوا: لعله مبني على عرف الشرع.

  وأجيب إن أردتم عرف الشارع فأوضحوه، فإنا لا نعلم له عرفاً في هذا على خلاف ما تقتضيه اللغة، ولم نجده بعد البحث، وإن أردتم عرف بعض فقهاء الشرع فلا يفيدكم.

  ولقائل أن يقول: قد ثبت في الشرع وجوب القراءة في الصلاة وأنها لا تتم إلا بها فكل إسرار ومخافتة يوصف فاعله بأنه قارئ مع الإتيان به، فهو مما تناولته أدلة شرعية المخافتة والإسرار؛ لأن ذلك وإن كان من كلام الرواة من الصحابة فهم عرب ومعبرون عن الشارع على مقتضى لغته؛ إذ لو كان له في الجهر والإسرار عرف على خلاف اللغة العربية لبينه لهم.

  إذا عرفت هذا فلا طريق إلى معرفة المخافتة التي لا يخرج فاعلها عن كونه قارئاً إلا بالرجوع إلى اللغة العربية، والذي تدل عليه كتب اللغة أن التالي إذا نطق بالحروف على الوجه الذي يفهم به المعنى فإنه يسمى قارئاً، سواء سمعت تلاوته أم لا، وتحقيق ذلك أن القراءة في اللغة هي التلاوة، والتلاوة لا تكون إلا بالنطق بالحروف، لأنها مأخوذة من التتابع لما كان التالي يتابع بين الحروف والكلمات، والنطق