مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

مسائل مهمة تتعلق بجملة سورة الفاتحة

صفحة 1236 - الجزء 2

  عن ذكر قراءة المؤتم مع اشتمالها على تعليم المندوبات التي لا تساوي هذه القراءة في الاهتمام نحو ما شمله حديث أبي هريرة في الصحيحين: «إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا لك الحمد ...» الخبر. وتقدم من روايته: «وإذا قرأ فأنصتوا».

  فلو كانت القراءة خلف الإمام واجبة لما ترك بيانه في هذه المواضع، والبيان للواجب يكون بأول ما يصدر من النبي ÷ من قول أو فعل، ويزيده وضوحا ما ورد في بعض الروايات: «هل تقرءون إذا جهرت؟»، فإنه يدل أنه لم يكن لهم عادة لازمة بالقراءة وعدمها لا بالفاتحة ولا بغيرها، ولو كانت واجبة على المؤتمين لما وقع استفهامه إياهم عن الفعل والترك، ولما جاز إقرارهم على ذلك فيما تقدم من الصلوات، وهذا حاصل ما قاله سالك هذه الطريقة، ثم قال: فذلك دليل على أن الأمر واسع مما ضيق به أهل المذاهب على نفوسهم من إيجاب البعض للقراءة وإيجاب الآخرين للإنصات، ثم إن في بعض الروايات تصريح بانفراد بعض المؤتمين بالقراءة التي أنكرها النبي ÷ وهو قوله: «هل قرأ معي أحد منكم آنفاً؟»، فإنه يدل على سكوت الباقين، ثم لم يقل: هل قرأ معي أحد غير الفاتحة؟، وكل ذلك يدل على اختلاف حالهم بالفاتحة وغيرها.

  قال: فهذه قرائن قوية في صرف الوجوب المدعى إلى الندب. واعترضه في (الروض) بأن حمله لحديث عبادة، على أن المراد بأن قراءة الفاتحة عمدة الصلاة في غير حالة التحمل، يرد عليه منافاته